الخميس، 16 مايو 2013

❀ ... اقــتـحــام الخصــوصيـــة ... ❀





تم نشر هذا المقال في صحيفة المدينة بتاريخ : 5 / 7 / 1434 هـ



       باتت حياتنا انصهارًا بين أمور كثيرة نعيش في خضمها ..فأصبحنا لا ندري أي حدود يجب أن نقف
عندها ...؟ فالكل يسير في هذا المسار ... والأغلب متضررّ لكنّه يلوذ بالصمت ويكتفي بالامتعاض بينه 
وبين نفسه ... أو يكتفي بتذمره عند حدود صديقه أو صديقتها ... كنوع من الفضفضة التي هدفها إفراغ 
ما بجعبته من استياء ..! نعرف الصحيح ونعرف المشكلة لكننّا مع الأسف نقف أمامها مكتوفي الأيدي ننظر
لكل ما حولنا بمزيج من الانزعاج وربما الإحباط  !!
     إنّها حقيقة أصبحنا نعيشها في حياتنا التي اختلطت فيها أمور العمل بأمورنا الشخصية ... خصوصـًا 
مع برامج التواصل التي فاقت شهرتها العالم .. فأصبح الجميع يستسهل إرسال أي شيء يخص العمل 
عن طريق هذه البرامج ... ومع مرور الوقت صار يومنا كله للعمل فقط ..!! وكأنّه لا تكفينا الساعات 
الخاصة بالعمل حتى نأخذ ساعات إضافية وربما كلّ يومنا من أجل إنجاز الأعمال التي يفترض أن تـُنجز
تحت سقف العمل ..!! ويقع في هذه المصيدة المرأة التي بطبعها توّاقة للتميز وإثبات الذات والرغبة 
الشديدة في تحقيق ما ترغب به من نجاح ... فنراها قد تتنازل عن وقت راحتها ..أو وقت أبنائها أو 
زوجها ..أو عن لقاء أسرتها ...من أجل العمل !!
      فهي في دوامة لا تنتهي من الرسائل التي تطلب منها إنجاز ورقة أو ملف أو درس أو أي أمر آخر 
بل أصبح الأمر غاية في الخطورة حين ترسل الرسائل حتى في وقت متأخر من الليل  ...!!
مع أنّه وقتها الخاص الذي من حقها أن تستمتع به !! ولو أنّها أخذت من وقت العمل لحياتها الخاصة
لكانت وُصفت باللامسؤولة وربما بالخيانة بل ربما عُقد اجتماع طارئ لـتعطى دروس في الأمانة ...!!
     عجيب أمرنا حقـًا ...!! أي تناقض هذا الذي نعيشه وندفن نفسنا فيه بقبولنا هذا الوضع المزري ...؟! 
الذي أصبح كالطوفان يسحق أجمل أوقاتنا ...وأسعد لحظاتنا ... فقد أصبحت مجموعات العمل تملأ قائمة 
الكثير منّا... بل إنّ الطامّة الكبرى هي في ظنّ البعض بأنّ هذا من التطور والتقدم ...!! 
وأي تطور وتقدّم يقتحم خصوصية الآخرين ...؟! ويجبرهم على الإقامة الجبرية في مجموعة قد لا يجرؤ أن 
يبدي رأيه أو يرفض ما يملى عليه فيها لأنّ رئيستها المباشرة هي من أضافتها للمجموعة بدون إذنها 
فهي ترى أنّه من حقها ذلك ولا تريد أن تتواصل إلا عن طريق هذه البرامج ...!! 
      ولستُ ضدّ أن يستفيد المرء من هذه البرامج ... ولكن باعتدال إذ لا إفراط ولا تفريط ... أما أن تنتقل 
   أجواء العمل حتى في منازلنا وتصبح لا فرق بينها وبين الحياة المنزلية فهذا أمرٌ لا يطاق ... 
فمتى ندرك حقوق بعضنا البعض ..؟ ومتى يدرك المسؤولون أبعاد خصوصية الطرف الآخر ويحترمونها 
ويعملون على إنشاء بيئة تدعم التوازن في كلّ ما حولنا ...؟!

الكاتبـة 

حنان الغامدي 


                                          

هناك تعليقان (2):

  1. محقة تماما أستاذتي ..
    باتت لحظاتنا تعج بازدحام المصالح والمهام ..
    حتى كادت لحظات استرخائنا وخلواتنا تختنق .. !!

    شكرا لحرفك المضئ .. متابعة لجدبدك بعمق :)

    ردحذف
  2. وأنا سعيدة بمتابعتك جدًا ..

    شكرًا لك بحجم الكون ووسع الفضاء ..

    ردحذف

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<