الجمعة، 29 يوليو 2011

الوجــه الآخــر ..!!!

تم نشر هذا المقال في جريدة المدينة بتاريخ : 18 / 8 / 1432 هـ - 19 يوليو 2011 م


الوجه الآخـــر ... !!!



قال لي الحكيم " مرداس " الذي نحت الزمن تجاربه على ملامحه بعد حوار معه ختمه بعبارته هذه :

يا بنيتي ... كلّ شيء في هذه الحياة له وجهان ... ما عدا شيء واحــد ... و بالرغم من أنه ليس له إلا وجه

واحد إلا أننا في بعض الأحيان لا نراه ...!!!

تعجبتُ كثيرًا .. أيّ شيء هذا الذي ليس له إلا وجه واحد ... ولا نستطيع رؤيته ...؟!! كلمات الجكيم أخذتني

وحلـّقت بي في عالم من الأفكــار التي أخذت تتناوشني ...

فكلّ شيء في هذه الحياة له وجه آخـــر .. وهذا ليس بشيء جديد أو غريب .. ولكن الطرافة في الأمر هو أنّ

هذا الوجه لا يرى صاحبه منه إلا ما يناسب فكره ...

فنحن نتعجب كثيرًا من أنفسنا وممّن هم حولنا إذا نظروا للوجه الذي لا نراه ... يبنما نرى ذات التعجب منهم لنا

لأنهم لا يرون ما نراه ...

والحقيقة أنّ في هذا الأمر الكثير من المتعة الخفـية التي لا يدركها أصحابها ... فبهذا الوجه الآخــر تـُفتح آفاق

لكثير من الحوارات ... والنقاشات التي تفضي إلى أمور رائعة في كثير من الأحيان ... أو قد تؤدي إلى أمور

لا تحمد عقباها ...

نظرتُ إلى ذلك الحكيم الذي نهض يجرّ خطاه بعيدًا عني ...حتى توارى من أمامي واختفى ...

عدتُ إلى أفكاري لأبعثرها وأنبشها علّي أجد صاحب الوجه الواحــد ... وبعد تفكير ملح أيقنت أنّ صاحب

الوجه الواحـد هو الذي لا نستطيع رؤية وجهه الآخـــر مهما حاولنا ... ومهما فعلنا ...

ليس لأنه غير واضح ... أو لا يرى بالعين المجردة ... بل لأنه ببساطة لا يحمل إلا صورة واحدة ... لا يختلف

عليها اثنان ... هذا الوجه ليس إلا وجه الحقيقة ...فبالرغم من أنّ لها وجه واحـــد إلا أننا في أغلب الأحيان مع

الأسف لا نستطيع رؤيتها .... وقد تبقى لسنوات أو قرون دون أن يكتشفها أحــد ... أو قد تموت مع صاحبها

للأبـد ....يا للغرابة ....

ولكن هل المرء يُغـًيّب عن الحقيقة أم أنه لا يريدها أن تظهر ...؟!!

في اعتقادي أنّ الحقيقة في أغلب الأحيان قد تكون مؤلمة ومحزنة ... لذا أعتقد أنّ كثيرًا من الناس يؤثرون

إخفائها بالرغم من يقينهم ومعرفتهم بها مسبقـًا ... بل ربما يعمدون لخداع أنفسهم هربـًا منها .... أو يعمدون

لتزييفها ... أو تجاهلها ... !!

فعلا ... يا للعجب ..!!! كثيرة هي الحقائق في حياتنا وأمورنا ولكننا نتعمّد تجاهلها ... مع أنّ الحقيقة وإن

كانت مؤلمة غير أنها مريحة تطلق العنان لأفكارنا وعقولنا ونفوسنا لنرى الحياة ببعد آخــر ...

فهي تظلّ كما هي لا تتغير ولا تتبدل ... وتظهر في وقتها المقدّر لها لحكمة يقتضيها الله ...

و مع أنّ قيمتها الجمالية في وقتها ... إلا أننا لا نستطيع أن ندرك هذا الوقت وهذه القيمة الجمالية إلا بالصدق

والشفافية الراقية مع أنفسنا ....

هكذا نرى الحقيقة بوضوح دون تعتيم أو ضبابية أو تغييب ...

الكاتـبـة

حنان الغامدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<