أزمــة مــلل ...!!!!
_ ملل ... أووووف ... " طفش "
هكذا نطقت الفتاة ذات الخامسة عشرة .. هذه العبارة بمزيج من القهر المكتوم بعد عودتها من النزهة
مع عائلتها ... والغريب أن هذا الانطباع كان أيضـًا حين عودتها من مركز التسوق ... ولم يتغير هذا الشعور حتى
بعد عودتها من مدينة الألعاب قبل أسبوع !! وليست هذه المشاعر حكرًا على هذا السنّ ... بل هي لمختلف الأعمار
فحتى ابن السابعة يرددها ...وكأنّ قاموس المصطلحات الذي بحوزتهم لا يوجـد به سوى مصطلح التذمر هذا !!
لقد أصبحتُ أخشى أن تصبح تحيتهم : صباح الملل ..أو مساء الملل ...!!!
شيء محيّر حقـًا .. فهم في كلّ حالاتهم يرددون " ملل " !! مع أنّ الوالدين يستميتان من أجـل إسعاد أبنائهم
وإرضائهم ويتنازلون عن أمور كانت في زمنهم من الموبقات كلّ هذا من أجل رؤية ابتسامة على شفاههم ..!
وإذا أردنا معرفة ما يريده أبناؤنا نجد أنهم لا يعرفون ما يريدون ...فتارة يريدون الاعتصام في البيت ...
و تارة يريدون الخروج من المنزل ولا يرغبون بالعودة إليه إلا للنوم فقط ...وكأنها حياة سائح ..!!
وفي بعض الأحيان يرغبون بتقليد الكبار في ارتياد المقاهي ... واحتساء القهوة مع الصديق ...!!
ولو تأملنا بعمق لهؤلاء الشباب والأطفال ...الذين يستخدمون عبارات التذمر وزفرات القهـر ...
نجدهم فارغين من الداخل فلا نسمع إلا صفير الرياح من دواخلهم فهم لا يتحدثون إلا عن الترفيه وآخـر صيحات
العالم " والفلّة و الوناسة " كما نسميها نحن بلهجتنا الدارجة ونجدهم يبدعون في هذا المضمار دون غيره من
المجالات ..!!
مع أننا لو نظرنا بنظرة ثلاثية الأبعاد .. نجد أنهم يتمتعون بعصـر يحلم كلّ شخص من الماضي أن يكون فيه ليبدع
وينتج أكثر .. فالتقنية وانفجار المعلومات والترفيه محيطة بهم ... ولكنهم تائهون عنها لا يرون الأمور
بشكل صحيح بالرغم من وجود من يوجههم ويزيل عنهم الغشاوة في بعض الأحيان ...
وأنا يقينة أنهم ليسوا كلهم على هذه الشاكلة .. بل هناك شباب مبدعون .. شباب يحاولون أن يرسموا لأنفسهم
طريقـًا جميلا ينتهي بالمجد ... بالرغم من الآلام المحيطة بهم ... لكنهم للأسف قــلـّة ...
إنّ أزمة الملل التي يعيشها هذا الجيل ... هي أزمة استجدت مع الجفاف الروحي الذي بات يسكن قلوبهم
دون هوادة ... فنراهم يغضبون لأتفه الأسباب .. ويهددون بالانتحار من أجل أمر لا يستحق ربع ما يفعلونه !!
فقلوبهم بها اليسير من ذكر الله ... فقد نجد من يصلي متى ما سنحت له الفرصة ..!! أو مرة في الأسبوع ...
أو يقوم بجمعها حين يستيقظ آخر الليل ..!!! فديننا دين يسر وسهولة .. !!
غريب أمر فتياننا وفتياتنا ...أنا لا أستطيع أن ألقي باللوم عليهم بل يتشارك في هذا المنزل والمدرسة التي قوامها
المدير والمعلم ...
هل عجز هؤلاء عن غرس الفضيلة والقيم الإسلامية في نفوس أبنائنا ... ؟!!
لست أدري حقيقةً ما أقول ...!! ولكن الأمر الذي أنا متأكدة منه أنّ هذه الأزمة لن تنجلي إلا إذا روينا وسقينا قلوب
أبنائنا بالذكر والقرآن وسيرة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ومن سار على نهجه إلى جانب قيمة الترفيه الراقي
والمعتدل ... حينها ربما يمحو أبناؤنا هذه العبارة من قاموسهم ليعيشوا في اعتدال متوازن وينعموا بحياة
الإنجاز والتفوق ..
الكاتبـة
حنـان الغـامـدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أعـــزائي الكــرام ...
حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار
التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان
أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...
فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....
<<
<<
<<