الخميس، 13 يناير 2011

هل هارون الرشيد على قيد الحياة ..؟!!


تمّ نشر هذا المقال في جريدة المدينة بتاريخ : 26 / 1 / 1432 هـ الموافق : 1 / يناير / 2011 م




هل هارون الرشيد على قيد الحياة ؟!!!







هذا السؤال الذي ألجمني وأذهلني لبرهة حين ألقته إحدى الطالبات ببراءة جمّة ... إبـّان ذكر طرف من سيرة

الخليفة هارون الرشيد الذي أضحى عصره عصرًا ذهبيـًا ... بفعل أعماله ...وقفتُ مشدوهة لفترة وزادت

دهشتي أكثر حين شاطرتها بعض من زميلاتها بكلّ حماااس ... فهنّ يتقن لمعرفة ما إذا كان هذا الرجل العظيم

يعيش بيننا أم لا ...؟!!! ... ولستُ هنا بصدد الحديث عن هذا الرجل العظيم ...

فالكلّ يعلم من هو هارون الرشيد ... ؟!!
أو هذا ما أعتقدته للأسـف .. لقد اصطدمتُ بسؤال أعقبته أسئلة ...

جعلتني أشفق كثيرًا على جيل اليوم الذي لا يفقه من التاريخ سوى الغزوات ... حيث أصبح عندهم فصل بين ذات

الشخصية نفسها ... بحيث لو قصصت عليهم قصة عن شخصية مشهورة بعيدة عن الغزوات والمعارك لظنوها

شخصية أخرى مختلفة ...!!! إنّ ما أقوله ليس خيالا بل هو حقيقة عايشتها ... حينما استدركت متفاجئة :


" ألم تدرسوا في التاريخ عن هارون الرشيد " ؟!! أجابت الطالبة : نعم درسنا ... أهو نفسه يا معلمة ..؟!!

كانت إجابتي لها ابتسامة عريضة ...!!!

فشخصية هارون الرشيد ليست شخصية مغمورة حتى نتلمس العذر لهذا الجيل .. بل هو رمزٌ من رموز التاريخ

تناوله الإعلام من مختلف الزوايا كبرامج ..ومسلسلات ... وأفلام ... يعني حقـًا كان السؤال صدمة بالنسبة لي

ترى ماذا عن الشخصيات الأخرى التي يدرسنها ولم يتناولها الإعلام ... ؟!!!

يا لحـال هذا الجيل ...!!! أي ثقافة يحملها ... ؟!!! بل أي تاريخ يعيه ..؟!! بصراحة أتأثر كثيرًا حين أرى

تاريخنا الإسلامي وهو بين أجانب يتدارسونه ويعونه من باب الثقافة والانبهار ... وليس أدلّ على ذلك

معرض ألف اختراع واختراع التي تقيمه بريطانيا في لندن حاليـًا ... والذي تفخر فيه بالتاريخ الإسلامي

المشرّف الذي كان اللبنة الأساسية لانطلاقاتهم ...!!! ولكني أجزم بأنهم ما انتقلوا إلى الثقافات الأخرى

إلا بعد أن وعوا ثقافتهم جيدًا ...وحفظوها عن ظهر قلب ...

أما نحن للأسـف ... فجيلنا لا يريد تاريخه بل ويتنصل منه ......وكأنّ به ما يعيب ... بل يسعى وراء تاريخ

الدول الأخرى بحجة الثقافة وعدم الإنغلاق ....وحتى انغماسه في الثقافة الغربية وغوصه فيها مع الأسف كان

شكلا لا مضمونــًا " .... مع أني لستُ ضدّ الثقافات الأخرى ... بل على العكس أحب الانفتاح في حدود المعقول

ولكن ليس قبل ثقافتي وتاريخي .... ولكن يبدو أنّ ناي الحي لا يطرب كما يُقـَـال ...

فكم يحزنني ما آل إليه شبابنا الفتي ... وأنا هنا لا ألقي باللوم عليه وحده ... بل نتشاطر جميعنا مسؤولية هذا النشء

الذي بات ينام على التفاهات ... ويقتات على السخافات ... حتى أصبح جيلا فارغــًا من كلّ شيء إلا من

أهوائـه ... وأعتقد أنّ الأسرة تلعب دورًا رئيسـًا في غرس حب الفكر والثقافة الإسلامية ... و لا أتحدث هنا عن

العادات بل عن التاريخ الإسلامي ... الذي ضااع في زحمة عصر السرعة والقفزات التي نقفزها متخطين

حواجز مرور ثقافية علينا أن لا نتخطاها ...لأننا هنا لا نبني عمارات فارهة تسر الناظرين ...بل نبني عقولا

راقية تبني أمتنا مستقبلا .... عدا عمّا يعتقده الجيل بأنّ التاريخ لا يتعدى الحروب والغزوات ... مع أنّ تاريخنا

كلـّه ليس على هذه الشاكلة ...

ولقد حاولتُ من فرط ذهولي أن أقنع نفسي بأنّ ما مررت به لم يكن سوى حالات متفردة ... ولكني حين عدتُ

إلى المنزل وقصصتُ على شقيقتي و التي هي على أعتاب الجامعة ما حدث لي ... قالت لي ... : وأين يعيش

هارون الرشيد هذا ... أهو في أمريكا ..؟!!!
نظرتُ باستنكااار ... ولكنها أقسمت بأغلظ الأيمان أنها جادة فيما

تقول ...!!!! قمتُ وأنا أضع يدي على رأسي ... متيقنة بأنها أزمة جيل كامل ... وأنّ علينا جميعـًا أن نتكاتف

من أجل إعادة حب التاريخ في قلوبهم ... وأن نعقد العزم بأن نخطط ونفكر بطرق شتى لإخراج تاريخنا

من أزمة الإهمااال التي يعيشها ...



الكاتبة


حنان الغامدي



هناك تعليق واحد:

  1. للاسف استاذتي الغالية فهذة هي الحقيقة جيل بلا ثقافة وفعلا يعيش على السخافات وثقافة الفن والطرب ونجوم المسلسلات وكلنا مقصرين اباء وامهات ومعلمين ومعلمات ومناهج لاتدعم الثقافة الحقيقية وان كانت كذلك احتج الكثير بان المنهج دسم ولابد من تخفيفة ومكتبات مدارسنا مهجورة حتى حصص الاحتياط التي يجب ان يكون لها خطط منفصلة يمكن ان يدرج من ضمنها الثقافة العامة بكل عناصرها مهملة واذا تحدثنا عن الاسرة فكل همها انتهاء الدراسة لكي ترتاح من الدوام وتحاول وضع جدول حافل بالترفيه والتسوق وليس هناك ادنى فكرة عن شراء كتاب لاحد الاطفال او استخدام طريقة القراءة الجماعية بحيث تجتمع الاسرة لتتحدث حول شخصية او موضوع ثقافي اجتماعي او حتى سياسي هذا حالنادوما بلا فكراو ثقافة ولابد ان ننهض من هذا السبات اللامنتهي ولاندري الي اين يسير ابناؤنا اذا كانت الثقافة معدومة ومناهج اللغة العربية مختصرة بحيث لايفهم المتعلم الا القشور ومناهج الاجتماعيات قلصت بحيث اصبحت مجرد فقرات والعلوم والرياضيات لاتجد معلمين ومعلمات يقومون بالمطلوب منهم كما يجب الا من رحم ربي فاذا كان جيل خالي الوفاض من كل شي فإلي إين ؟
    اللهم ارحم حالنا وسدد خطانا الي مافيه الخير والصلاح وانفع اولادنا وبناتنابالعلم واجعلهم ممن اصلح نفسه وغيره ونهض بأمته
    ولك كل الشكر
    أ.علوة القرني

    ردحذف

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<