الأحد، 10 أبريل 2011

هـدايــا مميزة ..!!


تمّ نشر هذا المقال في جريدة المدينة بتاريخ : 6 / 5 / 1432 هــ الموافق : 10 إبريل 2011 م


هـــدايـــا مـمـيـّــزة ...




لفت نظري في ذاك المساء ... أنّ شقيقتي ... تعبث بشيء ما ... فكلّ ما أراه هو ورق


متطاير على جوانبها وهي تحاول جاهدة السيطرة على هذا الورق ... وبعد فترة طويلة...


رفعت شريطـًا من الحرير ... ثمّ بدأت يديها تتحركان في عصبية ... لم أكن أعلم ماذا تفعل ...؟!


ولكنها منسجمة تمامًا ...وما بين لحظة وأخرى أسمع تنهيداتها وصراخاتها : ياربييييييييييي .... يا ااااا الله ...


وأنا متعجبة من هذا الوقت الطويييل الذي قضته شقيقتي من أجل أن تنهي ما في يدها .. في البداية ظننته عملا فنيًا ...


ولكني تفاجأت حينما رفعت ما في يدها وهي تقول بفرح : أخييييرًا ... وتمددت لترتاح بعد أن كشفت عن


هدية صغيرة .... انتهت أخيرًا بعد ساعات من العمل والإرهاق ......


إذ بعد هذا الصراع الطويل لم تكن سوى هدية ...


لم تنته القصة عند هذا الحد بل أخذت تطوف بها في أرجاء المنزل لترى رأي المحيطين بها ... وخرجت بأراء مختلفة


منهم من قال بأنها لو وفرت جهدها وأرسلتها لمكان فخم لتغليفها ... ومنهم منأعجبه التغليف .... و غير ذلك من


الاختلافات وتضارب الآراء ....


شردتُ بعيدًا بأفكاري .. التي ارتطمت بالواقع المرير ... فالهدية هي رمز من رموزالمحبة ... وقد أشاد


الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك بقوله :" تهادوا تحابوا ..." إذ ليس في ذلك أدنى شك من أن الهدايا لها تأثير


عميق في النفوس ... ولها سحر وطابع خاص في توطيد العلاقات ... ولكن ما نراه في الآونة


الأخيرة فاق كلّ الوصف ... إذ لم تعد الهدية رمزللمحبة بقدر ما هي عنوان للتباهي ... فالكثير منا أصبح يرى أنّ الهدية


ما لم تكن ماركة مسجلة ...... وما لم ندفع ضعف ثمن الهدية من أجل تغليفها في مكان فخم ... ليست جديرة بالتقديم ...


مع أننا لو نظرنا بتعقل لوجدنا أنّ أغلب من يقوم بالتغليف في الأماكن المخصصة للهدايا أشخاص لا يمتلكون أي حس


فني أو ليس لديهم مؤهلات ترقى بهم لتغليف هدية صغيرة ... ونجد أنفسنا نتميز غيظـًا بسبب الطريقة التقليدية في لفها ...


أو الأقل من عادية ...بالرغم من الثمن الباهظ .. وليست القضية في التكلفة بقدر ما تترك الهدية أثرها في نفس من


نهديها له ... إذ في الأغلب نجدأن الهدية ليس لها أي قيمة عند بعض من هم مريضون بهوس الماركات مع


أن الهدية بمعناها .... وليست بقيمتها ... ولكن طغيان وهيمنة المظاهر آفة غزت مجتمعنا بشكل مثير للشفقة ...


لست ضد الهدايا بتوازن ... ولكني ضدّ المفهوم الخاطئ للهدايا ... من تكلف وبذخ ... وإكثار منها بدون مبرر ...


أو مناسبة .... فبالرغم من تعب وإجهاد البعض والتنافس في تقديم الهدايا وإنفاق الكثير من الأموال من أجل إرضاء


من حولهم إلا أنها هدايا منقطعة بانقطاع أحبابنا عن الدنيا .... ومفارقتهم لها ... هدايا لا تستمر معهم


بعد مماتهم .... فالهدية الوحيدة التي تستمرّ والتي نغفل عنها مع أنها هدية مميزة ... إذ لا تكلفنا سوى الصدق ....


هدية لا تنقطع بانقطاعهم عنا .... إنها الدعـــاء ... نعم الدعاء لكل من نحبهم بالخير والصلاح والثبات


على الحق .. والجنة ....


هذه هي الهدايا المميّزة هدايا قد تلمسها قلوبنا وحياتنا دون أن تلمسها أيدينا .... قد نشعر بها ... بالرغم من


أنها بسيطة ... أكثر من أي هدية حسية أخرى .... فهيا لنعيد إلى حياتنا الرتيبة جمال الإحساس بمن نحب ..


ونرفع أيدينا للخالق .. لنكيل لهم من هذه الهدايا الراقية التي لا تكلفنا شيئا سوى الهمّة والصدق والرجاء


من الله بتقبلها ...


الكـاتبة


حنان الغامدي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<