الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

... كمـا الصباح !

تمّ نشر هـذا المقال في صحيفة المدينة بتاريخ : 10 / 2 / 1436هـ - 2 / 12 / 2014 م





وقفتُ مع نفسي مؤخرًا وأنا أغالبها لأكتب كلمات التفاؤل التي نقرؤها في وجه الصباح ..!
وحين هممتُ بالكتابة استوقفتني قائلة  :  بالله عليك ما الذي يدعو للتفاؤل ؟!
انظري حولك .. كلّ شيء باهت .. النّاس تغيروا واختلفت قلوبهم ... وديننا بات مضطهدًا  ..
والمسلمون في كلّ مكان لا لون يطغى عليهم سوى لون الدماء .. وأنت تتحدثين عن ألوان الطيف ؟!!
يعيشون قهرًا وجوعًا وخوفًا وقلقـًا .. ثم تأتين بكلّ بساطة تسطرين عبارات مزينة بشعارات الأمل
الزائفة ..! كيف تخرج كلمات التفاؤل تلك التي تكتبينها ونحن نعيش فرقة وشتات وانقسامات ..؟!
إنّ  ما تكتبينه ليس إلا كلمات بلا معنى ... بلا إحساس بمن يتألمون ويعانون  حولك .. إنّك تحلّقين
بعيدًا عن سرب الحقيقة ...  إنّك تخدعين عينيك وتخدعينني!
تأملت ما حاجّتني به نفسي ... وكدتُ أركن إليها لولا أن ألهمني الله  ..
كيف لا أكتب عن التفاؤل ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يطلب منّا إذا قامت القيامة وفي يد
أحدنا فسيلة ويستطيع أن يغرسها فليفعل ..؟! قمّة التفاؤل والعمل لآخر لحظة في وقت يكون فيه نهاية
 العالم !! لحظة حرجة ... فالفناء والزوال هو كلّ شيء وقتها .. لحظات  تشيب منها الولدان ..!
الأرض تنتهي وتتزلزل ومع ذلك رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام يدعونا لغراسها !
هل في ذلك يا نفسي شيء أعظم رعبًا وخوفًا وقلقًا من ذلك اليوم ؟!
لا أظنّ ذلك ..!
 لذا دعيني أتفاءل ... دعيني أوقد النور في وسط العتمة التي حولنا ... وأرى في الحياة جمالا بالرغم
من بشاعة بعض النفـوس البشرية ونفاقها الذي أمسى ينهش في جسد وحدتنا ...
دعيني يا نفسي ، أتلمس نور الأمل وسط حلكة عالمنا الذي يعجّ بالكثير من الأحداث المأساوية
والمبكية ... فما أفعله ليس تجاهلاً ..ولا تغافلاً عمّا يحدث حولنا ..! ليس قسوة ... وعدم إحساس بما
حولنا...  بل هو يقين بأنّ الله لن يخذل عباده الصالحين ... لن يخذل المتيقنين بنصره ... الرافعين أيديهم
إليه ... اللاهجين بقلبهم له ... الساعين لوحدة مجتمعنا بصدق وحب ... وسيأتي يوم ترين فيه العدالة
الإلهية تحضن عالمنا ... ترين ذلك التفاؤل المختفي وسط كلّ هذا الألم والحزن ! ترينه يتسع وينتشر
 ليراه حتى الأعمى !!
دعيني أرسم وألوّن وسط خربشات المتشائمين السوداء ...
أم أنّك تريدينني أن أنضم لركب اليائسين؟!
آه يا نفسي ...
وكأنّي أراكِ استكثرت علي بضع كلمات أكتبها لأدعم بها نفسي ومن حولي ...!
دعيني أتنفس كما الصباح الذي يجثم عليه الليل ويحيل نوره عتمة .. فيعود يتنفس من جديد بجمال
وألق وروح أنيقة  ..
تنفسوا أحبتي والثموا نور التفاؤل وقرّبوه منكم ليكون جليسكم وصديقكم الدائم ..!
ولا تسمحوا لأحاديث نفسكم المحبطة أن تثنيكم عنه ... تفاءلوا وأْمَلُوا ما استطعتم فإنّه لا ييأس

من روح الله إلا القوم الكافرون ..!

الكاتبة 
حنان الغامدي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<