الأحد، 18 أكتوبر 2015

... ثورة الفكر الجائع ...!!




  

نحن نعيش اليوم في زمن مخيف !! 

ليس مخيفـًا لذات الزمن ولكنّ العقول التي تعيش فيه تجعل الناس يشعرون

بهذا الشعور !! فالنّاس الآن يعيشون مرحلة انفجار فكري .. وانفجار معرفي

لا يعرف مداه إلا من يغوص فيه .. ويستقصي ويبحث عنه..

ولكنّ هذا الانفجار .. أصبح منذ سنوات يتجه ويصب في معين واحد..

أصبحت الثقافة محصورة على ما ينتجه الإعلام ؛ بل أصبح الإعلام هو من ينتج

الفكر .. بالرغم من أنّ هذا الفكر يترواح ما بين الإيجابي والسلبي ولكنّ الأغلب

سلبي .. للأسف  !! خصوصــًا الفكر الذي يبّثه لجيلنا القادم ..

فنادرًا ما نجد أبناءنا يحبون القراءة .. بالرغم من أنّي حين أنظر إلى جيلنا هذا ..

أجد أنّ فيه من الطاقات ما تجعله يبني عصرًا حضاريـًا متميزًا مشرقـًا..  ولكنّ ثقافته

توجهت إلى الثقافة الشكلية .. ومتعة الجسد وترفيهه دون النّظر إلى الروح واحتياجاتها

أصبحت عقولهم لا تعي من الثقافة سوى الأزياء والملابس والفنّ الهابط .. ويطلقون على

من يفهم فيها مثقف  !!

ولا أنكر أنّها ثقافة .. ولكنّها ثقافة تجعل الفكر يهبط معها .. ثقافة تجعل المرء والمجتمع

لا ينظر إلى الأمور بمنظار ثاقب دقيق .. ولستُ ضدّ ثقافة الأناقة والمظاهر .. ولكنّي

 حتمـًا مع الموازنة في كلّ شيء نحب هذه الثقافة..  لكن ليس لدرجة أن تسيطر على وعينا 

وعلى علمنا ومدى إنتاجنا الفكري الذي يرقى بالمجتمع من كلّ الاتجاهات ..فحين اندلعت ثورة 

الجياع في فرنســا .. كان كلّ ما يحيطهم الضياع .. وبالنظر لزاوية من زوايا هذه الثورة  

فقد تخبط شعب فرنسا في تلك الحقبة من التشرّد والجوع والجهل .. وانقسم الشعب إلى 

طبقتين .. نبلاء وفقراء ..

النبلاء كانوا على قدر عال من الثقافة في جميع الفنون الارستقراطية التي تكفل لهم

حياة البذخ والمجون .. والعلم بمختلف مستوياته ..

بينما الفقراء كانوا على قدر عال من الثقافة في جميع الفنون التي تهبط بالمجتمع..

وبالرغم من نبوغ فرنسا في كثير من العلوم..  إلا أنّ كفــّة الفقر كانت أقوى والجوع كان

 أشدّ من ألسنة اللهب ..

لم تستطع كلّ محاولات الطبقة الراقية " طبقة النبلاء " في إخماد تلك الثورة ..

وأصبح ذلك العصر يُعرف بعصر الثورة الفرنسية ..

وأكثر ما أخشاه أن ّ فكر جيلنا أصبح قريبـًا من هذه الطبقات ..

فهو إمّا فكر يريد المتعة والترفيه الجسدي ..  وإمّا فكر فقير جائع يبحث عمّا يسد جوعه

بين الحطام الذي حوله ..

أصبح لدينا جيل يحمل فكرًا جائعـًا لدرجة الهزال .. وإذا تركنا هذه العقول  بهذا الفكر

فسيصبح المجتمع فارغــًا مخيفـًا تستقطبه عقول مجهولة تسخّره لأغراضها ..!

أجل إنّها حقيقة ..  لذا علينا أن نعمل من أجل تغذية هذا الفكر الجائع بشكل جيد

بشكل يحفظ للمجتمع قيمه وفكره ودينه لينهض به..

هل سننتظر حتى يثور هذا الفكر الجائع ليسيطر علينا ؟!!

في الحقيقة لا أريد ذلك ولا أتمناه .. إذ علينا أن نسيطر عليه ونسعى من أجل

السمو بفكر جيلنا..  من أبناء وإخوة .. وشباب وشابات ..

علينا أن نبني علاقة قوية ووطيدة بين أبنائنا وبين الكتب المفيدة والراقية ..

علاقة حب .. ومتعة..  علاقة انتماء تحيطهم بالأرض التي يعيشون عليها ..

علينا أن نسعى معـًا نحو مجتمع خال من الفقر الفكري .. نعمل يدًا بيد من

أجل الارتقاء بفكرنا الإسلامي ليعود مجدًا جديدًا انتظرناه بفارغ الصبر ..


الكاتبة 

حنان الغامدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<