الأربعاء، 12 يونيو 2019

♨ .. بين المعنى الحقيقي والمزيّف !! .. ♨





      مازلت أتحدّث عن الإعلام وعن سلطته الرهيبة في تغيير مفاهيم
الناس .. وتغيير عاداتهم ..وفكرهم ..بل والقدرة على إنشاء جيل
إما منسلخ من كل ما لديه من تاريخ وفكر وعقيدة أو معتز بكلّ
موروثاته وتاريخه حتى لو كان مليئًا بالخرافات والإشكالات الكثيرة ..
 وحين أقول إنشاء جيل هذا يعني أن أهداف الإعلام تعمل على
المدى البعيد ..
ولأن البعض يرى أن المرء هو مسؤول عن تصرفاته وهو المعني
باختياره فلا حاجة لنا أن نتحدث عن خبايا الإعلام .. وأنا لا أنكر
 ذلك ففي مقالي الأول من هذه السلسلة تحدثت عن ذلك وأنّ العائق
الأكبر يقع على المتلقي والمشاهد ولكن ماذا إن كان هذا المشاهد
غير واعٍ ..؟ أو حتى لا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ أو بين
الحق والباطل ..؟!
أعتقد أنّ من واجبنا أن نبين له ذلك بعقل ومنطقية .. ولسنا أوصياء
على عقول الآخرين ..بل نحن نوضّح ونبيّن بعض الحقائق والمشاهد
وفي النهاية المتلقي هو من يقرر .. كما قلت سابقًا ..
كلّ ما سبق هو تنويه وتذكير فقط ..

       أما اليوم فسأتحدث في مقالتي عن قلب الألفاظ وإعطائها معنى
 آخرغير المعنى الأصلي لها ..
فمنذ عدّة سنوات تعجبت بأنّ كل المشاهير من النساء يطلق عليهن 
لقب جديد انتشر وذاع صيته وهو ( فاشنيستا ) وعلى اختلاف النساء
 نجد أن هذا اللقب تعطيه المشهورة لنفسها حتى لو لم تكن تقدم أي 
شيء فقط لأنها مشهورة حصلت على هذا اللقب ..
ولذا أخذت على عاتقي البحث عن معنى هذه الكلمة التي وجدت
صعوبة في نطقها في البداية ..!
وبعد البحث صُدمت كثيرًا عن المفهوم الذي تعنيه هذه الكلمة 
والبعيد كلّ البعد عمّا تقدمه المشهورات أو ما يسمين أنفسهنّ 
بالفاشنيستات ..!

     هذا اللفظ يعني التصميم ..( تصميم الأزياء ) بمعنى أنّ من يُطلق 
عليها هذااللقب تكون قادرة على رسم أزياء مبتكرة وليس هذا
 فحسب بل اختيار الألوان والتنسيق بينها بطريقة مميزة .. بل حتى
 إنّ المصمم يقرر نوعية القماش الذي سيقوم بالتصميم على أساسه ..
بل بعضهم يتجاوز التصميم لتسريحة الشعر ومساحيق التجميل ..
لينتهي بشكل مميز وإبداعي على ورقة ثم يتم التنفيذ على مجسم
أو عارضة ..هو فن جميل وراق ... وله أهله وناسه .. 
 فالمصمم يختلف عن الخياط .. وقد يجتمعان في شخص واحد ..

     ولكن في مجتمعنا المحافظ تم إدخال هذا اللفظ على كلّ عارضة
 أزياء ..لأن الجميع يعلم ماذا يعني اسم عارضة ..؟
فهي سيّدة الجسد عندها أهم من كل شيء .. هو نوع من تجارة 
الملابس من خلال أجساد بمقاييس ومعايير معينة ..
وهذا يجعل أهم ما في المرأة هو جسدها فقط .. فنظرة الناس ليس 
لتلك الروح التي تسير على منصّة الأزياء ..بل هو في جسد تكسوه 
الثياب ..

      هذا الاسم المفزع الذي تلحقه السمعة السيئة من تنازلات كثيرة
 أهمها الحياء حيث تتجرد من معظم الملابس لتخرج شبه عارية في
 مشاهد جريئة غير مقبولة تملؤها الإثارة والإغراء مع الأسف فهي 
تعرض أي شيء .. ولأي عميل ..
عمل شاق على المرأة .. لأنها تعلم وهي تسير بأنها لا تعني شيئًا ..
فما يعني هو جسدها الذي يجب أن تستميت في المحافظة عليه حتى
تستطيع أن تبقى في هذه الوظيفة المؤلمة ...

     أغلب السيدات عندنا وخاصة اللاتي نلن حظًا وافرًا من الشهرة 
أطلقن على أنفسهن لقب مصممة أزياء ( فاشنيستا )لأنّه يقيهن 
الكثير من النقد ولأنّ اسم عارضة هو فزاعة رهيبة على واقع المرأة 
في مجتمع محافظ يرفض أن تكون المرأة جسدًا! وبالنظر لواقعنا المؤلم 
نجد أن الفاشنيستا تم تعريفها أنها المرأة التي تنسق ملابسها بنفسها 
وتختار خطًا خاصًا بها وهذا غير صحيح ولو كان صحيحًا فكل النساء
 يطلق عليهنّ هذا اللقب .. لأنّ كلّ امرأة تريد أن تكون مميزة ولها 
أسلوبها في ارتداء الملابس حتى لو كان سيئًا .. !
وليس أدل على صحة كلامي هو أنّ هذا الاسم وهذا المصطلح أصبح
عائمًا عندنا فلم تعد تدري ما الفرق بين الفاشنيستا وبين العارضة 
أوالفاشنيستا ومن تضع المساحيق التجميلية ، وبين الفاشنيستا
وفتاة الإعلان ..؟!!
فكلهنّ يطلق عليهنّ فاشنيستا ..!! 
وأغلبهنّ بلا رسالة واضحة أو هدف .. وأي رسالة ترتجى من عقول 
فارغة امتلأت بالمظاهر فقط ..؟! 

     وخلاصة كلامي بأنّ ( الفاشنيستا )عندنا اسم أطلق على عارضة
 الأزياء والواقع يؤكد كلامي فأصحاب الماركات  حين يريدون عرض
 منتجاتهم نجدهم يتهافتون على المشاهير ..سواء أكانت فتاة إعلان
 أو ممثلة أو مغنية .. إذ لم نجد من يطلق على هؤلاء لقب فاشنيستا ..
ومع ذلك غاب المعنى الحقيقي لهذا المصطلح عن واقعنا
حيث وجدنا العارضة التي حلت بهذا الاسم الفني قبل مصممي
الأزياء..

   القضية حين طرحتها ليس يعني أني أوافق عارضات الأزياء
فأنا أرفض الفكرة تمامًا كونها تتعارض مع معتقدي أصلاً .. ومع
نظرة الإسلام للمرأة ..
ولكنّي أوضح تلاعب الإعلام بالألفاظ حتى لا يتمّ الرفض مباشرة !
وحتى يتم تقبل ما بعد المفهوم والكلمة ..!

    الآن انظر حولك أيها المشاهد وصف بنفسك واقعنا الاجتماعي
بما يناسبه .. صفه بالألفاظ الحقيقية بعيدًا عن الكلمة المطاطية التي
لا تدري ماذا تعني حقيقة وسط كلّ هذا الزخم ..!!
ابحثوا وترجموا الكلمة وستجدون معناها الحقيقي واضحًا بعيدًا عن
المقالات والتعريفات العربية ..!
وأقول ذلك لأنّ بحثي كان قبل أربع أو ثلاث سنوات تقريبًا .. أما
الآن إذا بحثت فستجد معنى جديدًا وتاريخًا لهذا الاسم ..وكلها حين
تدخل مستنسخة من بعضها فلا تجد اختلافًا في الكتابات العربية إلا
 في الصور أما المعلومة هي نفسها لذا فتحت المترجم لأتأكد من
معلوماتي التي قرأتها سابقًا فوجدتها تحمل معنى المقال الذي
قرأته قبل سنوات  ..

     لذا لا تثقوا بكلّ ما يُطرح ابحثوا بأنفسكم لتجدوا الحقيقة المذهلة ..
وابحثوا بصدق فستجدون التغليف المثير خلف المعنى الحقيقي لواقعٍ
 يفرضه الإعلام علينا .. أو السيّدات المتحررات .. واللاتي يأتين
بكلّ غريب لأننا سمحنا وبكلّ أسف  لباب الشهرة أن لا يُفتح إلا لكلّ
غريب وشاذ وسيء ..!

    يجب أن تعرفوا وتعـوا أنّه بين المعنى الحقيقي والمزيف مسافة 
بحث صادقة توصلك للحقيقة !

                            الكاتبة
                       حنان الغامدي





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<