الأربعاء، 3 يوليو 2019

♨ ...لكلّ مربٍّ ..! ... ♨



                                                              -  1  - 



      حين أنظر للأجيال القادمة أشعر بأنّ الكثير من المسؤولية والعبء
يقع على عاتق الجميع وبالأخص الوالدين وكلّ مسؤول تربوي .. 
الأمر هنا لا يقف على الاختلاف بل الظروف المحيطة التي جعلت من الجيل
 الحالي جيلاً مختلفًا .. مع أنّ هذه الظروف المحيطة ليست مسوّغًا لارتكاب 
الأخطاء والتبريرات التي جعلتنا نرى هذا الجيل منفلتًا رغم ذكائه وكثرة 
الفرص الذهبية التي تجعل منه جيلاً متميزًا ..

        وإنّي أتساءل هل أخفقنا نحن المربين في تعزيز مفهوم الثبات 
والهُويّة مهما جدّت الكثير من المتغيرات ؟! ألهذه الدرجة أخفقنا في جعل 
شخصيات الأطفال والنشء قويّة أمام الطوارئ ؟!
إذ أصبحنا نرى أغلبهم ضعفاء أمام رغباتهم وهواياتهم فهي أهم بكثير من 
مفهوم الأسرة ، من مفهوم الهُويّة ، ..إلخ
أم أن الخلل في أغلب هذا الجيل من نفسه ..؟!

        لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يكون الجيل هذا من نفسه فقط دون
 أسباب واضحة نلمسها حولنا .. فالانفتاح الرهيب الذي نعيشه من قبل عقد 
من الزمن أنشأ لنا جيلاً كثير التخبط  خصوصًا أنّ التربية أصبحت في متناول
 الجميع .. الكلّ أصبح مربيًّا .. الكلّ يملك الصواب .. الكلّ له منصّة خاصّة ..
وبين كلّ هذا الزخم تتوه المفاهيم وتصبح الأنا هي المسيطرة والجشع 
وعدم الرضا وإثبات الذات حتى لو على حساب الأسرة ..

      هذا الجيل في غالبه تائه .. ناقم .. على كلّ شيء من أسرته حتى 
موروثه وهويته .. يرى كلّ ما حوله لابسًا التخلّف حتى تاريخه ..!!
لديهم تشبع من عدم الرضا والقناعة وهنا الخطورة ..فمهما أخذوا ممّا
 يريدون فهم يرغبون دائمًا بما ليس في متناول أيديهم .. وبمجرّد حصولهم 
عليه لا ينظرون إليه مرّة أخرى بل يبحثون عن أمر آخر ليس متوفرًا لديهم ..

      هناك مبالغة وعاصفة من التمرّد الرهيبة ضدّ كلّ شخص يخالفه ..
ضدّ كلّ ماضٍ  مع أنّ أغلب هذا الجيل لم يعش ذلك الماضي ..
لم يعش الجوع .. الفقرالمادي .. الكدح من الصباح حتى الغروب لا وقت
 لنفسه فحياته لعائلته أو للآخرين  .. ولا شيء لنفسه ..لكن في المقابل هناك 
غنى روحي .. قناعة.. طموح .. قوة ..وصلابة .. إنجاز ..هُويّة .. اعتزاز ..
فخر ..وعمق .. 
ينظر الأب لأبنائه فيجد المعلم والمهندس والطبيب والضابط .. ورغم الشقاء 
المادي نجد هؤلاء الأجداد والآباء يتمنون الماضي لأنهم يرون فيه سببًا
 لإنجازاتهم التي يرونها واقعًا أمامهم ..

       أمّا اليوم حالة من الذهول تخيم على الآباء والأمهات فهم يحاولون
بذل جهدهم لإسعاد أبنائهم ..لتلبية رغباتهم .. والآبناء كأنّهم يبذلون جهدهم 
لرسم الحزن على وجوه آبائهم .. هناك حلقة مفقودة ..!
       
       هم رائعون في الكلمات ولا ننكر ..متميّزون في التفكير والحوار والأسئلة
 المتميّزة .. مبدعون يستطيعون التحدث بطلاقة في أيّ موضوع يريدون ولكنّهم 
منفصلون تمامًا عن واقعهم !
فما يقولونه لا يستطيعون ترجمة ربعه على أرض الواقع .. مع أنّهم لو اتسموا 
بالجديّة لاستطاعوا ذلك بسهولة ..

      هذا الجيل رغم كلّ عيوبه هو جيل المستقبل .. لا مناص.. فليس لدينا خيار.. 
لذا لابدّ من أن نأخذ بأيديهم .. نعينهم .. نسمعهم ..نكون صريحين معهم ..حازمين .. 
نسمح لهم دون تجاوز لا على الدين ولا القيم ولا التاريخ .. 
أعتقد أنّنا نتقاسم الخلل فجزء من هذا الخلل هو طريقة تربيتنا لهم إنّها الحقيقة 
شئنا أم أبينا ..!  صدّقنا أم لم نصدّق ..!

     انظري لواقعك أيّتها الأم .. أيّها الأب .. كيف ترى أبناءك ..؟!
هل أنتما الجسر الذي سيعبران من فوقه ليصلا للضفة الأخرى ؟
أم أنتما ستكونان السند ليبنون بأنفسهم جسورًا خاصة بهم تنقلهم للضفة
الأخرى .. جسورًا تمامًا كذلك الجسر العريق الذي مشوا عليه كثيرًا
وتعلموا من خلال السير عليه ؟!
هل أنت أيّها المعلم داعم وموجه أم محطّم وناقد ؟!

      كلّ مربّ ينظر لنفسه ويقيم طريقته يستشير يشارك مشاكله مع أبنائه 
المختصين المستشارين ذوي الخبرات .. فالأمر مهم للغاية هناك أرواح غالية
 لا نريد أن نفقدها فيكفينا ما فقدنا !!

                                            الكاتبة

                                         حنان الغامدي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<