الأربعاء، 10 يوليو 2019

♨ ... الـــدلــــو ! ... ♨





      قُرِع باب أحدهم يومًا وبعد أن فتح الباب لم يجد أحدًا
بل وجد بدلا من الطارق دلوا على عتبة بابه ..!
تعجّب كثيرًا وخرج علّه يجد صاحبه ، لكنه فوجئ بأنّ على
جميع عتبات منازل الحي دلاء جديدة ..
عاد الرجل لمنزله يحمل الدلو .. ووضعه في أحد زواياه ..
     بعد عدّة أسابيع قرر صاحبنا أن يذهب للحديقة العامة
التي تتوسط الحيّ كنزهة قصيرة قبيل غروب الشمس ..
وبينما هو يتنزّه وجد دلوا بجانب أحد المنازل يمتلئ
بالأزهار .. لفتته الأزهار الصفراء الصغيرة والتي أعطت
منظرًا أنيقًا .. تابع سيره فإذا به يرى دلوًا مليئًا ببعض
أدوات الزراعة ..
أكمل سيره  لفت نظره بجانب أحد المنازل دلوًا مملوءًا
بالماء والطّير يتحلق حوله يشرب منه ..
تأمّل المنازل التي تعجّ بالحياة فإذا بسيّدة تخرج وفي يدها
دلوًا ويبدو أنها قد ملأته ببعض الأغراض لنزهة قصيرة
مع أبنائها ..
تعجّب الرجل كثيرًا وتبسّم .. بعد عودته للمنزل .. جلس على
 كرسيّه وهو غارق في التفكير .. أجال ببصره في أرجاء
المنزل إلى أن وقع بصره على دلوه الملقى منذ عدّة أسابيع في
تلك الزاوية  ..لكنّه ما لبث أن  لمعت عيناه و نهض من مكانه
وأخذ الدلو معه للخارج ..!

      برأيك أيها القارئ بماذا يمكن أن يملأ صاحبنا دلوه ؟!
 تخيّل معي أنّك صاحب الدلو بماذا كنت ستملؤه ؟ ما الفكرة
التي ستضعها فيه ؟!

     القصّة طبعًا من نسج خيالي .. ولا أصل لها ..
 ولكن كل منّا لديه دلوه الخاص به يحمله أين شاء ويتركه في أيّ
 مكان ..! لديه كامل الحرية في أن يملأه بما يشاء وبالطريقة التي
يريدها  ..

      فمنهم من يتركه فارغًا وينتظر من أحدهم أن يملأه له كيفما
اتّفق سواء جيدًا أم سيئًا .. ومنهم من يلونه ويزينه ويكون مظهره
 آسرًا ولكن حين تقترب منه تتفاجأ بأنه مملوء بالنّفايات ..
ومنهم من يحاول جاهدًا أن يضع فيه كلّ جميل ليمتّع ناظريه
ويدخل السّرور على الآخرين ..
ومنهم من يملؤها ماء عذبًا صافيًا ليشرب منها وينثر من
صفائها على الآخرين ..

      ورغم كلّ الخيارات الموجودة إلا أنّ بعضهم بكلّ أسف
يأبوا إلا أن يختاروا المستنقعات لتعبئة دلائهم منها .. وليس
هذا فحسب بل هم ينثرونها على الآخرين دون أن يعبؤوا بحجم
السوء الذي يقومون بنشره ..!

      حين تدخل ساحات التواصل الإلكتروني .. وحتى على أرض
الواقع تجد هذه الدلاء موجودة حولك بكلّ أنواعها .. فكلٌّ يغرف
من دلوه وينثره عليك وعلى من حولك و الآخرين .. 

      فاحرص أن تملأ دلوك بكلّ ما هو جيّد وطيّب وراقٍ .. 
 مهما كان أصحاب دلاء المستنقعات
حولك كثيرون .. أو أن يحاولوا اجتذابك لهم بدلائهم الملونة
والمزينة .. لا تتنازل عما في تملكه مادام جيدًا وصحيحًا
حتى لو لم يكن دلوك مزينًا ..حتى لو بدا عتيقًا .. فليس الشكل 
مهمًا أحيانًا بل ما يحويه هو الأهم .. وهو الأبقى !


                                   الكاتبة

                          حنان الغامدي 


هناك تعليقان (2):

  1. خيال خصب واستثاره لوعي القارىء .. وكل إناء بما فيه يفيض .. ما أجمل أن تكون افكارنا مرتعا لكل ايجاب واثراء وثراء بكل الصور والمعاني .. بالتوفيق

    ردحذف

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<