الجمعة، 17 يوليو 2020

♨ .. يومًا ما .. 4 .. ♨


 سلسلة ..    

-                                                                                                     -      4     -

                                  ..  صــــورة مشــوّشـــة   ..




                                                   1    -

كانت نارين تنظر للساعة التي شارفت على الثانية عشر
 لتعلن عن بدء منتصف الليل .. الظلام في الخارج شديد ..
الشوارع مظلمة .. كانت تنظر من النّافذة علّها تلمح 
ظلاً أو ترى أيّ شيء ينبئ بعودتها .. أسدلت الستارة
 وهي تتمتم بانزعاج :
" أين ذهبت تلك السيدة ..؟! يبدو أنّ الضاحية استقبلت
فتاة مراهقة غير مسؤولة عن تصرفاتها .."
جلست على طاولة الطعام في المطبخ كان أمامها كوبًا من 
الشاي يبدو أنه أصبح باردًا دون أن تشرب منه .. ولكن 
ما إن رفعته لتشرب حتى سمعت صوت عربة تقف أمام 
المنزل  .. أسرعت لتنظر من النّافذة فإذا بها ترى السيّدة 
فاتن تنزل من عربة  صغيرة وذات لونٍ تقليدي مميز.. 
تعرف جيّدًا هذه العربة فمن الذي لايعرف عربة السيّدة
 آمال ..؟
لم تر السيّدة آمال .. لكنها رأت السيّدة فاتن تتحدث مع من 
في العربة .. أسرعت نارين .. تفتح الباب .. فوجئت فاتن 
بها أمامها :
_ سيدتي .. حمدا لله على عودتك ..!
نظرت فاتن لها وهي تحاول أن تجمع أفكارها وشتاتها ..
ثم قالت بتردد :
_ شكرًا لكِ ..
_ هل أجهّز العشاء ..؟!
_ لا ،لا أرغب بأيّ شيء ..!
_ هل أنت بخير سيدتي ..تبدين شاحبة ..!
_ لا ، شكرًا لك .. أرغب في الاسترخاء .. لا أريد
أن يزعجني أحد ..
وصعدت مباشرة لغرفتها .. كانت نارين تنظر لها
مندهشة إلى أن توارت وسمعت باب الغرفة يغلق ..
حينها قالت بغضب :
_ أحد ..! وكأنّ المنزل يعجّ بالساكنين .. لا يوجد
سوانا نحن الاثنتين فقط ..
نظرت من نافذة المطبخ .. لم تعد السيارة موجودة
تأمّلت العشاء الذي كانت قد جهّزته منذ مدّة ..
وبعد أن مضى ربع ساعة قررت أن تصعد بطبق
العشاء لها .. لم تستطع أن تطرق حتى الباب
أو تنادي بصوتها .. بل عادت أدراجها بعد أن
سمعت صوت بكاء مكتوم ..!


            
                                   -     2      -


         استيقظت فاتن متعبة .. ومرهقة السّاعة 
التاسعة نهضت بتكاسل .. الإحباط والحزن يخيّم 
على ملامحها .. فهي لم تنم إلا بعد صلاة الفجر ..!
كانت ليلة عاصفة وصادمة ..
ليلة لم تستطع فيها النوم فقد عصفت بها الذكريات 
القديمة والحاضرة .. اختلط فيها القديم بالجديد ..
وقفت أمام المرآة .. تأملت عينيها المتورمتين
تنهدت بعمق .. كانت السّاعة التاسعة ..
نزلت وحين دخلت المطبخ لم تجد أحدًا ..
" غريب .."
وجدت قصاصة على الطاولة كان الخط
غير مرتب :
" عزيزتي السيدة فاتن ..
أرجو أن تكوني بحال أفضل .. جهزت
لك طعام الفطور ستجدينه في الفرن ..
أتمنى لك وقتًا ممتعًا ...
أراك الأسبوع المقبل ..   
           نارين  "

جلست على الكرسي ببطء وهي تتأمّل الحال
التي وصلت لها ..
" يا إلهي لقد نسيتُ أمر نارين تمامًا ..
إنّي حتى لم أعتذر لها عن الخطأ الشنيع
الذي قلته في حقها بل لم أحاول التواصل
معها بعد ذلك .. يا لي من فظيعة ..
وأنانية .. ! "
 وضعت رأسها على الطاولة ..
ماتزال أحداث ليلة البارحة تخيم على روحها ..
" هل أنا حقًا هشّة وضعيفة ..؟ "
كان تتذكّر كلام السيّدة آمال لها ليلة البارحة وهما
 في العربة أثناء ذهابهما لمركز الاتصالات الرئيس:
_ يؤسفني القول بأن جيل هذه الأيام من
النساء هش وضعيف ..
" لماذا قالت ذلك ...؟ من تظن نفسها ..؟  "
تنهدت كشخص لا حيلة له .. لم يكن لديها أيّ رغبة
في فعل أيّ شيء أو ممارسة أيّ نشاط ..
من حسن الحظ أنّ السيدة آمال أجّلت موعد حضورها
 لما بعد الظهيرة ...
قامت بصنع قهوتها .. وجلست في غرفة المعيشة ..
" أعتقد أنّي فعلت الصواب بالابتعاد عن إخوتي
و الاستقلال .. أبي .. أمي ..!! أحتاجكما رغم
أنّي كبيرة .. آخ لو كانا على قيد الحياة ..!! "
تساقطت دموعها رغمًا عنها ...
تنفسّت بعمق وسط أفكارها السوداء المتلاطمة ..
وتجرّعت قهوتها المرّة .. في تلك اللحظة ..
رنّ جرس الباب ... عقدت حاجبيها باستغراب
" من الممكن أن يأتي الآن ..؟! هل من الممكن
أن تكون السيدة آمال؟! تفعلها هذه العجوز
الكاذبة .."
رنّ الجرس مرة أخرى .. اعتدلت واقفة ومسحت
بقايا دموعها .. واتجهت تفتح الباب .. وهي تقول
بصوت متهدج :
_ من ..؟!
نظرت من عين الباب .. اتسعت عيناها بدهشة
وهي تهمس :
_ هذا الوجه ..!
فتحت الباب بحذر .. كانت السيدة التي
أمامها بدت تصغرها بأعوام .. ذات ملامح جذابة ..
ترتدي فستانًا بلون أصفر .. طويلة .. ذات شعر
ملون بلون بني زادها ألقًا .. بادرتها بابتسامة :
_ السلام عليكم .. صباح الخير ..
ردّت بارتباك :
_ أوه هذا أنت .. مرحبًا  ..أقصد ..وعليكم السلام ..
صباح الخير ..
قالت وهي  تتأمّل ملامح فاتن حيث عينيها التي مازالت
تحمل أثر الدموع .. وأنفها الأحمر :
_ معك " نسرين " ..
_ أهلاً بك وتشرّفت بك ..أنا فاتن .. أعتذر لإزعاجك ليلة
 البارحة لقد حدث سوء فهم ..
ردّت وهي ماتزال تتفرّس ملامحها  قائلة:
_ لا أبدًا .. ولكن هل أنت بخير ..؟!
_ لا عليك .. فقط لأني مستيقظة للتو ..
_ حفًا ..؟!
كان جواب  فاتن هو ابتسامة عريضة ..في حين 
استطردت السيّدة نسرين :
_ آمل ذلك .. حسنًا ..أنا فقط جئت أطمئن عليك ..
_ أوه شكرًا لك .. هذا من لطفك .. تفضلي بالدخول ..
_ لا أنا في عجلة من أمري .. أردتُ فقط
أن ألقي عليك التحية قبل الذهاب لموعدي ..
إن احتجت أي شيء أنا في خدمتك .. لا تترددي..!
_ آه .. شكرًا للطفك ..
_ لا داعي لذلك أنا حقًا أعني ما أقول ..والآن اسمحي
لي !
لوّحت لها وغادرت مشيًا مع سيدتين أخريين
كانتا بانتظارها على بُعد بضعة أمتار من منزلها ..
أقفلت الباب وتنهدت وكأنّما هدأت نفسها قليلاً ..
عادت لغرفة المعيشة .. التقطت كوبها وعادت
 لتنظر من نافذة الغرفة المطلّة على المنازل الأخرى
..ابتسمت بغرابة وهي تحتسي قهوتها ..
 ثم حدّثت نفسها :
" على الأقل هناك من يهتم لأمري .. يا للمفاجأة!! " 
ثمّ عقدت حاجبيها وهي تستطرد في أفكارها :
" على الأقل لدي جارة قريبة من سني .. لا أعرف
كيف كنت أفكر حينما اعتقدت بأنّ السيدة آمال
قد تكون جارتي المقربة .. لم أكن أعلم أنّ زيارتي
لها ليلة البارحة ستكشف لي وجهها الحقيقي .. "
لكنّها مالبثت أن زمّت شفتيها بامتعاض وهي تخاطب
نفسها  :
لكن لماذا أعتب على السيدة آمال وأنا حديثة عهد
بمعرفتها .. ليلة البارحة كانت صادمة ..
لم يكن وجه السيّدة آمال وحده الذي انكشف ..
بل وجوه أشخاص تربطني بهم رابطة دم ..وذكريات
وحياة .."
اغرورقت عيناها بالدموع .. لكنّها تنفست بعمق ..
_ لا أريد أن أبكي .. لا أريد ..
عادت تتنفس بعمق .. جلست بهدوء على الأريكة ..
" يجب أن أثبت أنّي قادرة على التحمّل .. نعم يجب
عليّ ذلك .. لن أستسلم عند أول عثرة في هذه
 الضاحية لقد بذلت جهدًا جبارًا لأحصل على منزل
 هنا ..
وضعت كوب قهوتها واتجهت للمطبخ  وفتحت 
الفرن ...


                      -     3      -

  السّاعة الواحدة بعد الظهيرة ..
_ قهوتك العربية طيّبة جدًا ..
نطقت السيّدة آمال بهذه  العبارة وهي تجلس في 
غرفة الجلوس بجوار فاتن في حين ردّت عليها 
الأخرى :
_ أنا سعيدة أنّها أعجبتك ..
_ وأنا سعيدة أن أراك بهذه الروح .. 
تأمّلت فاتن السيّدة آمال وهي تخاطب ذاتها :
" معقول  !! سأحاول أن أصدق .. إنها بارعة 
جدًا في التمثيل .. لكن ربما هذه وظيفتها .."
باغتتها السيّدة آمال :
_ أظنّك أنهيت قراءة الدليل ..
_ حسنًا ليس تمامًا ..مازلت أقرأه ..
_ فهمت  .. الآن سأبدأ معك في تفاصيل الحياة 
هنا .. ويجب أن تتذكري بأنّي لست مسؤولة عن 
إخبارك بكلّ التفاصيل .. أنا هنا فقط لأسهل لك
 البداية ثم تنطلقين أنت بعد ذلك ..
_ بالطبع سيدة آمال .. فأنا لست قاصر ..
رمقتها السيّدة آمال بنظرة غير الراضي عن 
كلامها :
_ المسألة ليست أنّك قاصر .. بل في التعامل والتعايش
 مع الأنظمة .. أيًا كان سنّك .. هذه الضاحية لا تستقبل
 القصّر إلا مؤخرًا بسبب ظروف أمهاتهم الخاص  ..
هذه الضاحية صمّمت وبدئت على يد السيدة
" إشراق " ابنة مؤسس  مدينة الجوسق السيد" عمّار" 
التي  صُمّمت كمنتجع .. لكنها بعد ذلك توسعت وأصبحت 
مدينة تحوي المدارس والمعاهد والمتاجر والأسواق ..
 وكثر مرتاديها والراغبين في التملك فيها ..
نظرت فاتن باهتمام وكأنّها تحث السيدة على أن
تكمل ..
_ ولظروف خاصّة مرّت بها السيدة "  إشراق " لا داعي
لذكرها قررت استثمار هذا الجزء بعد أن أعطاها والدها هو
كحصّة أساسية من الميراث بشيء مميّز للسيدات 
الكبيرات .. ووضعت الشروط الخاصة بهذه الضاحية
 المنزوية .. كان هدفها هو أن تكون مكانًا مريحًا للسيدات
الكبيرات ..
_ هل تقصدين دار رعاية للمسنات ..؟!
_ كنتُ أعتقد ذلك مثلك .. ولكنّ السيدة " إشراق  "
قبلت سيدات في سنّ الثلاثين .. وكان هذا غريبًا لكنّي 
قرأت العقد لم يكن هناك سنّ محدد للسيّدات أعتقد أنّها
 أرادتها ضاحية قائمة بذاتها .. كان لديها حلم  بأن تكون
 مدينة للنساء تساعدهنّ على قضاء وقت من حياتهنّ
 فيها بهدوء ليعدن التفكير في حياتهنّ من جديد ولينطلقنّ
 مرّة أخرى ..
_ هل تعنين بأنها أشبه بالمصحة ..؟!
_ هل ترينها أنت مصحّة ..؟
_ بصراحة لا ...
_ إذن ماذا ترين ..؟!
قالت بتردد :
_ الحقيقة هي حلم كلّ سيدة تقطعّت بها السبل
في الوقت الحالي ..
_ هكذا أنت ترينها ..؟!
_ أجل ..!
هزّت السيّدة آمال رأسها ثم ابتسمت قائلة :
_ تعجبني صراحتك .. حسنًا سأتركك تكتشفين
الباقي بنفسك .. ولكن سأنوه على أمرين مهمين ..
الأمر الأوّل هو ما يخص العاملة ..
بلعت فاتن ريقها وهي تفكر .. " لابدّ أنّ نارين أخبرتها
كوني حكيمة يا فاتن ولو لمرّة واحدة في حياتك .. "
_ عليك ..
وعلى الفور قاطعتها :
_ اسمعي سيّدة آمال أنا لا أحمل أيّ عنصرية ولا ضغينة
 تجاه أيّ فئة من فئات المجتمع .. مؤكد هناك مواقف 
كثيرة تحصل بين كلّ السيّدات وعاملاتهنّ ..وأعتقـ..
توقفت فاتن بعد أن رأت الدهشة على وجه السيّدة 
آمال ورفضها لأسلوب المقاطعة :
_ سيدة فاتن يجب أن تضبطي أعصابك ..
_ هي من دفعتني لذلك ..
عقدت السيدة آمال حاجبيها بانفعال :
_ من هي ..؟! عن ماذا تتحدّثين .. أنا لم
أقل بعد أيّ شيء.. كلّ ما هنالك أنه لابدّ أن
تختاري ثلاثة أيام أساسية تأتيك فيها العاملة  ..
هدأت فاتن وارتبكت شعرت بإحراج لكنها
تداركت الموقف :
_ أردت أن أوضح جزءًا من شخصيتي وتعاملي
 مع الخدم ..
أغمضت السيدة آمال عينيها بعد أن هدأت ثم :
_ لا أحد سيطلب ذلك .. لست في مقابلة شخصيّة 
حتى توضحي ذلك .. استرخي وحسب واستمعي
 إليّ جيدًا .. وأرجو أن لا تقاطعيني ..
نهضت فاتن لتقدّم قطعًا من البسكويت لكن السيّدة 
آمال أشارت لها بأنّها اكتفت ثم قالت :
_ لنعد إلى موضوعنا .. لك مطلق الخيار بأن
تختاري الأيام متتالية أو متفرقة .. ستأتي
السيّدة " نور " لتنسق الأمر معك .. وتقدّم لك 
الخيارات المتاحة لك ..
_ فهمت ..
رانت لحظة صمت قصيرة حينها قالت فاتن :
_ بقي الأمر الثاني ..
_ آه الأمر الثاني .. هذا سيكون في المساء
وعلى مدار أربعة أيام ..
_ أربعة أيام .. ؟!
_ أثناء جولتنا في الضاحيّة .. سأعرفك بالأمر ..
_ آه ..صحيح أنت سترافقيني ...
_ نعم وسنبدأ اليوم بعد صلاة العصر مباشرة ..
_ ألن تعطيني ولو تلميحًا .. ولو فكرة بسيطة عن
الأمر الثاني ؟
نظرت لها السيّدة آمال نظرة فاحصة ثمّ قالت :
_ لا تكوني لحوحة وعجولة .. التريّث أمر جميل ..
والآن اسمحي لي ..
نهضت السيدة آمال ورافقتها فاتن في حين التفتت
لها :
_ تعجبني السيدة القويّة ..
توقفت فاتن مندهشة من كلامها .. في حين تابعت
السيّدة آمال :
_ نحن النساء مالم نلملم جراحنا بأنفسنا وندوس
على قلوبنا مرات عديدة لن نستطيع أن نعيش ..
بل أن نمضي في هذه الحياة ..
ربتت على كتفها مستطردة  :
_ حين رأيتك البارحة وأنت خارجة من مركز
الاتصالات شعرت بأنّ شيئًا ما تحطّم داخلك ..
رأيت زهرة دخلت متألقة مشتعلة تدب فيها
 الحياة .. وخرجت ذابلة منكسرة .. أقلقني
 صمتك !
نظرت فاتن بتقدير كبير لهذه السيّدة ثم قالت :
وأنا أشكرك من كلّ قلبي أنك احترمت صمتي 
و لم تكسريه !
لم تتمالك فاتن نفسها وارتمت بحضن السيّدة آمال 
التي ابتسمت بإعجاب متفاجئة من ردّة فعلها .. 
ثم نظرت لوجهها الذي تألق وأشرق وتهلل :
_ أريدك دائمًا هكذا مشرقة ..
تنهدت فاتن بارتياح وفي عينيها بقايا دمعة
تداريها ..
خرجت السيّدة آمال تاركة فاتن في حالة ذهول
أمام شخصيّتها المحيّرة والتي لم تستطع أن تخفي
إعجابها بها رغم أنّها رسمت انطباعًا عنها غير جيّد
.. لكنّها حائرة الآن .. فهي لا تعرف من هذه السيّدة
بحقّ هل هي ذات الابتسامة المريحة التي رأتها في
 أوّل لقاء ولمحت رقتها ودعمها الآن ..؟! أم هي
رأتها ليلة البارحة في منزلها وكلامها القاسي في
العربة  ..!
 حاليًا هي تعيش نشوة الدعم والحماس للرحلة
التي ستقوم بها عصرًا معها .. متطلّعة لبداية حياتها 
التي قررتها رغم الصورة المشوّشة ..!

                 .. يــتـبــع ..

                     الكاتبة


                 حنان الغامدي 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعـــزائي الكــرام ...

حتى تستطيعوا التعليق يمكنكم اختيـــار

التعليق بـاسـم :URL الاســــم / العنوان

أشــــــــرف بقـــــــراءة تعـــليقـــاتكـــم ...

فـــرأيكــــم محـــــــطّ اهـــتمـــــــامي ....

<<
<<
<<